الطب النفسى
الأسرة والأمراض النفسية
اهتم علماء الاجتماع بتوطيد دعائم ومناهج الدراسات الأسرية، ونشأ علم الاجتماع الأسري بوصفه علمًا اجتماعيًا جزئيًا هامًا، وبدأ الكثير من الدراسات في هذا السياق يقوم على المنظور الإسلامي لعلم الاجتماع، كما بدأ التوجه البحثي والعلمي، فيما يتعلق بالبحث في أفضل الوسائل المؤدية للنهوض بالأسرة والقضاء على ما تعانيه من مشاكل وتفكك،يتركز حول الجانب الفني التطبيقي.
وقد ذكرنا من قبل أن مقومات الأسرة الصالحة تتلخص فى :
التكيف والتوافق الاجتماعي والوجداني والنفسي.
وتوفير المستوى المعيشي المناسب وأسباب الاستقرار العائلي،
وذلك من حيث المأوى، وموارد الدخل، ونظام الأمن العام.
مع اكتمال هيئة الأسرة، من حيث وجود الأب والأم والأولاد، لأن انعدام أي عنصر من هذه العناصر يضر بوحدة الأسرة، ويقضي على الوظائف الطبيعية والاجتماعية التي كانت تؤديها. وفي حالة العقم وعدم الإنجاب، يمكن للأزواج التكيف والتوافق بدون وجود ذرية، ولا شك أن العمق الإيماني يعتبر المحك الرئيس الذي يحدد هذا الجانب.
اضطراب الصحة النفسية لدى الكثيرين، وظهور الأمراض النفسية والانحرافات، خاصة بين الأطفال والأحداث والشباب، وكذلك انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات والمسكرات والسلوك الإجرامي.
ونتيجة لتخلي المرأة عن دورها المنزلي بدرجة كبيرة، مما نتج عنه قصور واضح في رعاية أعضاء الأسرة وشؤون التربية والتنشئة، علمًا بأن دور المرأة في المجتمع لا يتعارض مع صحيح الدين.
ومن هنا أصبح للصحة النفسية أهمية خاصة في حياتنا وخاصة في حياة الأسرة.. والصحة النفسية السليمة، التي تعني الجوانب السلوكية والعاطفية والاجتماعية للحياة اليومية، تؤثر بصورة مباشرة على الأسرة، فهي تكون وسيلة للترابط والتضامن الأسري.. واضطراب هذه الصحة قد يكون سببًا مباشرًا في تفكك الأسرة واختلال توازنها.والأمراض النفسية، أصبحت اليوم منتشرة بصورة لا يمكن تجاهلها، حيث إن حوالي 30% من أفراد الأسر يعانون من حالات نفسيه تتفاوت في درجة شدتها وآثارها السلبية، فمثلاً مرض الاكتئاب النفسي من الأمراض الشائعة جدًا، خاصة وسط النساء، ولكن بكل أسف فإن معظم هذه الحالات لم تشخص، ولم تتقدم للأطباء من أجل العلاج والتأهيل النفسي، وربما يكون السبب في عدم تشخيصها هو الجهل أو التجاهل، أو خوف الوصمة الاجتماعية.. ووجود مثل هذه الحالات الكامنة في داخل الأسرة، تكون بلا شك عاملاً هامًا في اضمحلال الكفاءة النفسية للأسرة، وربما تفككها. والمرض النفسي لأحد الزوجين، سواء كان هذا المرض معروفًا ومشخصًا أم لا، ربما يكون السبب الرئيس للخلافات الزوجية التي قد تنتهي بالطلاق وضياع الأطفال.. ولازلنا نعاني في مجتمعاتنا من مشاكل التنشئة الخاطئة للأطفال، كما أن تعاملنا مع الأمراض النفسية والعقلية يشوبه الكثير من القصور واللامبالاة في بعض الأحيان.. ومن يصاب بمرض نفسي أو عقلي لا شك أنه يعاني، ولكن معاناة الأسرة لا تقل عن معاناة المريض، بل تزيد في بعض الحالات. والمرض النفسي، مثل القلق والتوتر والمخاوف والوساوس والاكتئاب، يسبب ألمًا فظيعًا لصاحبه.. والمرض العقلي مثل الفصام، الذي لا يكون فيه الإنسان مرتبطًا بالواقع، مع وجود اضطراب في أفكاره وسلوكه وتصرفاته وحكمه على الأمور بصورة غير صحيحة، يسبب إزعاجًا فظيعًا للأسرة وللجيران ولزملاء العمل.واختلال الصحــة النفســية، ســواء كان بسـبب أمـراض نفسـية أو عقلية، يجعل أسرة المريض تتألم، ولا يوجد مرض في أي فرع من فروع الطب يسبب ألمًا وإزعاجًا وحيرة للأسرة مثل الـمرض النفسي أو المرض العقلي.. فأي مرض عضوي محصور في جزء من الجسم، وبالتالي فهو محصور في صاحبه، ولا تمتد آثاره إلى الآخرين (ماعدا طبعًا الأمراض الـمُعْدِية) .. وأعراض المرض العضوي إما ألم أو خلل في الوظيفة.. أما أعراض المرض النفسي أو العقلي فإن آثارها تمتد مباشرة إلى الآخرين، وتؤثر على حياتهم، إنها أعراض تشتمل في بعض الأحيان على اضطراب علاقة المريض بالآخرين خاصة أفراد أسرته.. وبقدر ما تتأثر الأسرة بالمرض النفسي أو المرض العقلي فإنها أيضًا تؤثر في مسار المرض ونتائج العلاج.. بل قد تكون من أسباب المرض، أو على الأقل من العوامل التي فجرت ظهور المرض. فالتأثير متبادل بين الأسرة ومريضها.. الألم متبادل أيضًا .. ذلك أن الأسرة (ربما بحسن نيه وبسبب عدم المعرفة) قد تزيد من آلام المريض.. والغريب أن الحب الزائد قد يكون سببًا في ازدياد آلام المريض.. والغريب أيضًا أن الاهتمام الزائد قد يكون سببًا في ظهور المرض.. وبالمقابل فإن الإهمال وإنكار المرض أو إنكار حق المريض في أن يمرض وأن يتألم، قد يكون سببًا في مزيد من معاناة وآلام المريض!
للمتابعة
http://www.basmetaml.com/ar/page/1179